•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

الأحد، 14 ديسمبر 2008

Hulk

كتب : عماد العذري

بطولة :
إريك بانا , جينيفر كونيللي , نيك نولتي
إخراج : آنغ لي


عن شخصية الكوميكس التي أبدعها ستان لي و جاك كيربي لشركة مارفل يأتي العمل السينمائي التاسع للمخرج التايواني الكبير آنغ لي , مشروع أبحاث سري لصالح جامعة كاليفورنيا يقوم به البروفسور بروس بانر و زميلته بيتي روس , بينما خصمه العنيد غلين تالبوت يبقي عينيه و أذنيه متيقظتين للسيطرة على السر العلمي الجديد و إحكام قبضته على أبحاث المختبر , لكن الأمور تتضخم عندما يتعرض بروس لأشعة تجريبية فعلت خلايا من نوع خاص موجودة في جسده مسبقاً محولةً إياه إلى عملاقٍ أخضر غاضب , ثم تتطور الأمور بظهور عامل النظافة المشبوه في المختبر و الذي يقوم بتطبيق تلك الأشعة التجريبية على حيوانات مختلفة محولاً إياه إلى وحوش أطلقها للقضاء على بيتي روس ليمنع تأثيرها على بروس خصوصاً و أنها إبنة الجنرال المسئول عن الأبحاث العلمية السرية للجيش الأميركي ..


لا أدري حقيقةً مالذي دفع آنغ لي لينتقل من نجاحه المدوي عام 2000 عندما قدم أنجح فيلمٍ آسيوي في تاريخ السينما نمر رابض , تنين مختبيء إلى إعادة تقديم قصة الكوميكس هذه التي نجحت كمسلسل تلفيزيوني شهير عندما قدمت في السبيعينات , هل هو نوع من حب المغامرة ؟ أو التغيير ؟ أو التحدي ؟ لم أجد جواباً واضحاً على هذا السؤال ..


هذا الفيلم هو بإختصار فيلم سيء , خالطني هذا الشعور منذ إفتتاحيته , تترات الفيلم في المقدمة يرغب ربما آنغ لي من خلالها بإعطاء شعور بأنك تشاهد قصة مصورة , لكن هذا الشعور يكون مخطئاً , و بدلاً من ذلك تفقد تفاؤلك به مبكراً و تشعر بأنه أقل إحترافية مما كنت تأمل , لكن الطامة الحقيقية لا تكمن هنا , آنغ لي ينهج نهجاً غريباً في رواية قصته مستخدماً حيلاً مونتاجية و فلاشية تعطيك إحساساً في الكثير من جوانب العمل بأنك تشاهد مسلسلاً تلفيزيونياً و ليس فيلماً سينمائياً , وعلاوةً على أن هذه الطريقة المربكة تفقد المشاهد تركيزه فوراً فإن الفيلم لا يلبث بسبب عدم نفاذه في العمق وبقاءه على السطح أن يصبح رديئاً للغاية حيث يفقد جزئية هامة كانت ربما قادرة على تعويض قصور النص و أعني بذلك التشويق , فالتقنيات المستخدمة هنا بواسطة الكاميرات المتعددة و الألعاب المونتاجية و كثرة القطع في المشهد الواحد منحت المشاهد نوعاً من الطمأنينة و هو يراقب الأحداث بسبب شعور لا إرادي لدى المشاهد بوجود طرف ثالث بينه و بين الممثلين هو المخرج , و الطمأنينة هي جزئية لا يحتاجها المشاهد مطلقاً في نوعية أعمال كهذه , لذلك تأتي أقوى مراحل الفيلم في مشهدين الأول يفاوض فيه ديفيد بانر بيتي روس حول تسليمه لوالدها مقابل السماح برؤية إبنه لآخر مرة , وهو مشهد على إنعدام منطقيته يبدو متماسكاً ضمن هذه الأحداث لأنه يفتقر للألعاب المونتاجية التي مارسها آنغ لي بإسراف في هذا الفيلم , و الثاني هو ذروة مشاهد الأكشن التي يطارد فيها العملاق الأخضر من قبل قوات الجيش في الصحراء , مشهد تنبع قوته أيضاً بعودته للأسلوب السينمائي بعيداً عن التلفيزيونية التي قتلت مشاهد الأكشن الأخرى في الفيلم . و لا أبعد من ذلك , لا أدري مالذي يربط هذا الفيلم بالموسيقى العربية التي تملأه و تفيض في أرجاءه , هل هو نوع من التجريب ؟ أو التجديد , أو تقديم الغريب من أجل لفت النظر ؟


بالإضافة إلى ذلك , فإن الجزئيات التي يفترض أن يرتكز عليه العمق الفكري لهذا العمل مشوشة و تائهة , مقدار التناقض الذي يملأ كيان بروس بانر تجاه شخصيتيه , العلاقة بين الجميلة و الوحش , الجنون الذي يمكن أن يصيب بروس بين حبه للقوة التي يمتلكها و بين سعيه نحو الخلاص منها , الذاكرة المقيدة لبروس التي ترفض تذكر الماضي , و العلاقتين غير الحميميتين بين الآباء و الأبناء , كل هذه الجزئيات مر بها النص مرور الكرام رغم أنه كان من الممكن له أن يكثف بعضاً منها معوضاً كل القصور الذي يعانيه .


فوق كل هذا تأتي نهاية الفيلم و كأنما عجز كاتب السيناريو أن يجد أفضل منها , عندما تعجز كل الأسلحة عن القضاء على العملاق الأخضر , قبل أن يختفي و يظهر مجدداً في أمريكا اللاتينية , خاتمةٌ لا تخدم أي شيء في الفيلم و أحداثه , سوى أمل صغير يلوح لدى منتجيه بتقديم جزء ثانٍ منه , وهو أمر لم يحدث إلا بنسخة جديدة من الفيلم مطبوخة بشكل أفضل بكثير قدمها لويس ليترييه عام 2008 .


أداءات إريك بانا و جينيفر كونيللي باهتة جداً رغم إجتهادهما , و حقيقةً فإن الشخصيات المكتوبة لهما كانت بحاجة لأكثر من مجرد أداءات جيدة خصوصاً أننا نتحدث عن فيلم سوبر هيرو , هذه النوعية من الأعمال تأتي فيها الأداءات لتستند على جزئيات الفيلم الأخرى , لا لتستند جزئيات الفيلم عليها , بالمقابل يقدم نيك نولتي أداءاً شديد الإنفعالية , ربما قد يبدو مناسباً من وجهة نظره طالما درجت العادة على تقديم الشخصيات الشريرة في أعمال الكوميكس بطريقة إنفعالية , لكن هذا أيضاً لا يحقق مبتغاه هنا .


حتى عندما كنت مدركاً بأن هذا ليس واحداً من أفضل أفلام آنغ لي بل و ربما من أقلها مستوىً كنت مصراً على مشاهدته , لقناعةٍ لدي بأن الرجل هو مخرجٌ من العيار الثقيل , لكن حتى ذلك الإدراك تلاشى لدي الآن رغم بقاء قناعتي كما هي , فهذا الفيلم هو قطعاً أسوأ أفلام آنغ لي و السقطة الحقيقية الوحيدة في مسيرته .

التقييم من 10 : 4


هناك تعليقان (2):

  1. حقيقة الفلم فاشل و خلاني أتخذ قرار بأني أتوقف عن مشاهدة أفلام الكوميكس حتى جاءت الرائعة Batman Bigins الذى لا أصنفه فيلم كوميكس و نفس الكلام ينطبق على The dark knight

    ردحذف
  2. أشكرك عزيزي بربروسا على مرورك و تعليقك

    و بخصوص المسألة التصنيفية فأعود و أقول بأنها مجرد نقطة تسويقية و توجيهية لا أكثر , و لا تسبب أي إنتقاص للفيلم , لو لم تكن هذه الأفلام أفلام كوميكس فماذا سنسميها , أفلام درامية مثلاً ؟ هل الدراما صنف ذهبي مثلاً , بينما أفلام الكوميكس أقل من ذلك , المسألة مسألة قالب سينمائي , يمكنك أن تصب فيه طيناً أو ذهباً , و لا ننسى أن مارتن سكورسيزي نال الأوسكار عن فيلم أكشن , شئنا أم أبينا هو فيلم يندرج ضمن هذا الصنف , لكن هناك فيلم أكشن محترم , و فيلم أكشن غير محترم ..

    أشكرك مرة اخرى , و لا تحرمنا من ردودك .

    ردحذف

free counters