•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

السبت، 18 ديسمبر 2010

متابعات نقدية : بجعة أرونوفسكي السوداء تحلّق عالياً


كتب : عماد العذري

أسبوعان كاملان تهاطلت فيهما المراجعات النقدية الإيجابية عن فيلم المخرج الأميركي الشاب دارين أرونوفسكي الجديد Black Swan فرضته – كما كان متوقعاً له – واحداً من أفضل أفلام العام , و أحد أبرز فرسان المعركة الأوسكارية المقبلة , بفضل الجهد الكبير الذي بذله دارين أرونوفسكي في إخراج عمله هذا في أفضل حلة , سواءاً على مستوى البناء العميق و المعقد للشخصية الرئيسية , أو على مستوى الحالة الهلوسية الفريدة التي خلقها في المتلقي , أو على مستوى الأداء الصلب الذي تقدمه نجمته الأولى ناتالي بورتمان فيما يميل البعض لإعتباره أفضل الأداءات السينمائية المقدمة خلال العام كله .

و الفيلم هو العمل السينمائي الخامس لدارين أرونوفسكي مخرج رائعتي Requiem for a Dream و The Wrestler , و يقوم ببطولته النجوم ناتالي بورتمان و فانسان كاسل و ميلو كونيس و باربرة هيرشي و وينونا رايدر , و يحكي قصة توماس لوروي مدير باليه نيويورك الذي يقدم حالياً عرضاً لبحيرة البجع و يتخلى عن راقصةٍ قديمة تدعى بيث ماكلنتاير في سبيل جلب أخرى شابة و موهوبة جداً تدعى نينا , و على الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله نينا في دورها الجديد إلا أنها تجد نفسها في معركةٍ ضاريةٍ لخطف البريق في العرض مع وافدةٍ جديدةٍ تدعى ليلي تسلب قلب لوروي بجاذبيتها و سحرها على المسرح .




و مال الكثير من النقاد لإطلاق مفهوم ( التجربة ) على العمل , من واقع كونهم من النادر أن عاشوا حالةً مشابهة لتلك الحالة التي عاشوها أثناء مشاهدتهم لفيلم أرونوفسكي الجديد , فوصفه الناقد بيل كلارك في مقاله بـ ( التجربة المشوقة ) , و بيل غوديكونتز بـ ( التجربة الرائعة ) , و غلين كيني بـ ( التجربة السينمائية الحقيقية ) , في حين إعتبرته الناقدة كيمبرلي جونز ( تجربةً فريدةً مثيرةً للأعصاب ) .

و إمتدح نقادٌ آخرون قدرة أرونوفسكي على صناعةٍ فيلمٍ ميلودراميٍ بمثل هذه العظمة , خصوصاً من خلال تركيزه على الأبعاد الميلودرامية في حياة بطلته الرئيسية و هوس الكمال و البحث عن الرغبة الكاملة في الوصول إلى القمة الذي أصابها أثناء سير الأحداث , الأمر الذي دفعهم لعقد مقارنةٍ بينه و بين عددٍ من الكلاسيكيات الميلودرامية الشهيرة مثل All About Eve , في هذا الخصوص إعتبر ديفيد ستريتون هذا الفيلم ( ميلودراما فاخرة ) , و بثقة قالت جوانا لانغفيلد في مراجعتها ( أشك في أن هناك إمراةً على وجه الأرض لن تجد في هذا الفيلم شيئاً يتعلق بها ) , و رأى روب فوكس في مقاله بأن ( خيرة المخرجين فقط هم من يستطيعون تحريض عاطفةٍ كهذه , و فقط أفلامٌ مدهشةٌ كهذا الفيلم يمكن أن تبرر تلك العاطفة بشكلٍ كامل ) بالنظر ربما لجرأة الإقدام على تجربةٍ ميلودرامية في حقبةٍ أصبح فيها التأثير العاطفي على المشاهد صعب التقبل , في حين كان تيم برايتون حاداً في تعبيره عندما كتب بهذا الخصوص ( ميلودراما قذرة , لكنني أفضل أرونوفسكي في طوره القذر ) .

و يبدو من واقع ما قرأت عن الفيلم بأن سر هذا الإعجاب كان في قدرة دارين أرونوفسكي - من خلال هذه الميلودراما المؤثرة – على خلق إثارةٍ نفسيةٍ يمكن وصفها بالكابوسية , تراقب بذكاء الرغبة التي إجتاحت بطلته - في ذروة صراعها مع منافستها – من أجل الوصول إلى الكمال و مقدار الهوس الذي إجتاحها و العناء الذي إستنزفها في سبيل ذلك , و كتب فريدريك و ماري آن بروسات ( فيلمٌ مذهل عن الأبعاد التدميرية المظلمة لهوس الكمال و الطموح غير المروض ) , و قالت بيث أكوماندو عنه ( فيلمٌ عن السعي نحو الكمال , و عن مقدار الخسائر التي يمكن أن يتكبدها فنان ) , في حين إعتبرت جينا بوش بأن الفيلم ( قصةٌ رائعةٌ عن السيطرة , عن الخوف الذي يحدث عندما تفتح جزءاً مغلقاً من ذاتك , و ما الذي سيطير من بابٍ فتحت جزءاً بسيطاً منه ) .

بالمقابل إعتبر بعض النقاد الفيلم وفياً بشدة لبعض تيمات أفلام الرعب , خصوصاً تلك التي قدمها رومان بولانسكي و ديفيد كرونينبيرغ , خصوصاً في تقديمه البعد الهلوسي للقصة بصورةٍ طاغيةٍ و نافذةٍ في الصميم , و قال كين هنكه الذي منح الفيلم العلامة الكاملة ( لو أن رومان بولانسكي قام بإخراج كلاسيكية The Red Shoes لكانت النتيجة مقاربةً لفيلم دارين أرونوفسكي هذا ) , و رأى دان فينبيرغ بأن الفيلم ( يمكن أن يثبت نفسه كعملٍ فنيٍ جداً و راقصٍ جداً بالنسبة لأنصار أفلام الرعب , و قد يكون مرعباً بالنسبة للبعض الأخر ) , و كتب ستيفن سليفر ( فيلمٌ ممتع جداً , لكن جهز نفسك لرؤية الكوابيس بعد مشاهدته ) , في حين إعتبره ويدجيت وولز ( فيلم الرعب الأنقى خلال هذا العام ) , و هيأ جيمس فيرنيير المشاهدين بقوله ( إستعد للإصابة بالإغماء مع Black Swan ) , و وضع الناقد الكبير جيمس بيراردينيللي التشويشات التي تخلقها النبرة الهلوسية المرعبة للفيلم موضع المقارنة مع أفلام الموسم عندما كتب ( هذا الفيلم يجعل تشويشات Shutter Island و Inception تبدو سهلةً بالمقارنة ) .

و كما كان منتظراً نالت النجمة ناتالي بورتمان نصيباً وافراً من المديح نظراً للأداء الملفت الذي تقدمه للشخصية الرئيسية للعمل , فجاءت مراجعات النقاد كتقديرٍ مستحق للعمل و الجهد الكبير الذي بذلته بورتمان في العمل على الشخصية , و كتب جين ياماتو ( تقدم ناتالي بورتمان أداءً مضبوطاً بدقةٍ شديدةٍ يتوج الضربة السينمائية القاضية الأكثر فخامةً و حزناً هذا العام ) , و إمتدحه الناقد الكبير بيتر ترافيرز بقوله ( تصوير بورتمان لفنانٍ واقعٍ تحت الحصار هو تصوير لا يفوّت و لا ينسى , كما هو الفيلم أيضاً ) , و كتب عنه جوشوا تايلر في مقاله ( أداءٌ ممتاز , سواءاً في طبيعته أو في دقته , هو الأفضل حتى الآن في مسيرة ناتالي بورتمان ) , في حين كان الناقد الكبير لو لومينيك مباشراً جداً بوصفه أداء بورتمان في مراجعته في النيويورك تايمز بأنه ( أفضل أداءات العام ) , و إعتبر الناقد بيتر هاول بأن ناتالي بورتمان تقدم للأكاديمية عرضاً لا يمكن رفضه هذا العام , و قال بهذا الخصوص ( هذا هو عرض ناتالي بورتمان من أجل نيل ترشيحٍ للأوسكار , و من المثير أيضاً مشاهدتها تفوز به ) , و في السياق ذاته إعتبر الناقد نيل ميلر بأن الفيلم ( يقدم لنا وحشاً سينمائياً عظيماً لم يسبق لنا مشاهدته : ناتالي بورتمان في زي الرقص الوردي , فقط تذكر أن تتنفس !! ) .

و جاءت بعض العبارات رنانة و تلخيصيةً إلى حد بعيد , كحال بعض النقاد الذين ربطوه مباشرةً بموسم الجوائز , مثل روجر مور الذي وصف الفيلم بأنه ( منافسٌ أوسكاريٌ من الطراز النادر , و فيلمٌ لكل المواسم ) , أو أندرو أوهيهر الذي كتب بشكلٍ مقارب ( بنيةٌ رائعة مؤهلةٌ لعددٍ من ترشيحات الأوسكار ) , أو بعض النقاد الآخرين اللذين كانت بعض كلماتهم كافيةً لمعرفة مشاعرهم تجاه هذا العمل , مثل كيم فوينار التي كتبت ( سردٌ قصصيٌ مبتكرٌ و رائع , سواءاً أحببت النتيجة الختامية أم لم تفعل ) , أو سوزان غانغر الذي وصفت الفيلم بأنه ( حكاية مروعة رائعة ) , أو ديفيد إيدلستين الذي إعتبره ( عملاً مبهراً دون شك ) , و ديفيد غريتن الذي رءآه ( قوياً و مثيراً و فاتناً ) , أو الناقد الكبير توم لونغ الذي إعتبره في مقاله في الديترويت نيوز ( مبهجاً و مفزعاً في آن ) , أو إدوارد دوغلاس الذي رءآه فيلماً ( لا ينسى ) , أو الناقدة الشهيرة كريستي ليماير التي قالت في مقالها في الأسوشيتد بريس بأن الفيلم ( سيجعلك تشعر بالذهول و أنت تغادر الصالة ) .

بالمقابل تلقى الفيلم بعض الجمل النقدية المهمة , و التي لخصت إلى حدٍ كبير القيمة الفنية للعمل , مثل مراجعة الناقد الكبير ريتشارد رويبر الذي أبهرته كمية المواهب التي يعرضها الفيلم فكتب ( عالمٌ من الموهبة معروضٌ هنا ) , و جيسن زينغيل الذي قال بأن ( الفيلم يبدو عظيماً , و أداءاته من الطراز الأول ) , و فيليكس فاسكيز الذي إعتبر بأن الفيلم ( قطعةٌ فنيةٌ حقيقية مصنوعةٌ وفقاً لتقاليد أرونوفسكي ) , و كان الناقد الشهير أوين غليبرمان حذراً في مراجعته عندما كتب في Entertainment Weekly ( لا تستطيع أن تأخذه على محمل الجد , لكنك لا تستطيع أن تشيح بنظرك عنه أيضاً ) , في حين بدى تلخيص برايان تاليريكو حماسياً عندما قال في مراجعته ( بتعبيرٍ إبداعيٍ من النادر مشاهدته في فيلمٍ أميركي , و بواحدٍ من أفضل الأداءات التي قدمتها ممثلةٌ على الإطلاق , Black Swan فيلمٌ سيضل يرن في ذهنك لساعاتٍ أو لأيامٍ بعد مشاهدته ! ) .


free counters