كتب : عماد العذري
بطولة : كايرا نايتلي ، جيمس ماكفوي ، سيرشه رونان
إخراج : جو رايت
الفيلم الثاني للبريطاني الشاب جو رايت بعد
رائعة Pride and Prejudice قبل
عامين هو إقتباس أدبي أيضاً عن رواية إيان مكوين
الشهيرة التي حملت الإسم ذاته , بريوني تاليس فتاة في الثالثة عشر تراقب بعين ثاقبة و
خيال واسع - هما مفتاح موهبة أدبية ستتفجر لديها لاحقاً – العلاقة العاطفية التي
نشأت بين شقيقتها الأكبر سيسيليا و روبي
المستخدم والذي تكفلت عائلتها بمصاريف دراسته الجامعية في كامبريدج , و
مع تسارع الأحداث وإشتعال مخيلة الفتاة في وجود ضيوف العائلة , تتهم بريوني روبي
بجريمة لم يقترفها , إتهام يغير مصير روبي و سيسيليا إلى
الأبد .
مرة أخرى يثبت جو رايت ليس
فقط بأنه واحد من أهم الآمال الإخراجية الواعدة في بريطانيا , بل أنه واحد من أفضل
مقتبسي النصوص الأدبية حالياً , أمر بدأه مع تحفة جين أوستن
الخالدة Pride and Prejudice , و أعاده هنا مع رائعة مكوين
التي حققت نجاحاً ساحقاً عند صدورها عام 2002
, هذا الفيلم يعد مثالاً مهماً على الفيلم الذي يمتلك في منتصفه فترة إنعدام وزنٍ
ملاحظة و محسوسة لعين المشاهد لكنه يستطيع رغم وجودها أن يستعيد توازنه و يرتفع
إلى الذروة مجدداً في واحدة من أفضل نهايات الأفلام التي قدمتها الألفية الجديدة .
النصف الأول من الفيلم يقدَّم على صفيح
ساخن , بناء محكم للعلاقات المتشابكة الموجودة : خيال بريوني
الجامح , عاطفتها الخفية تجاه روبي , روح روبي
الرائعة , و العلاقة العاطفية بين روبي و سيسيليا ,
ثم القلب الذي ينكسر عندما ترتكب بريوني
جريمتها التي لا تغتفر , بعد ذلك تأتي فترة هبوط صارخة و نحن نراقب تأثير الحرب
على أبطال قصتنا الثلاثة , و لا نشعر – لسبب لا يبدو واضحاً – بإهتمام حقيقي تجاه
ما يجري لهم , هذه الفترة كادت أن تعصف بعمل جو رايت
المقدر في النصف الأول من الفيلم , خصوصاً مع نص مكتوب بإحترافية أستاذ مثل كريستوفر هامبتون (نال
الأوسكار عن نصه المعقد في Dangerous Liaisons)
, مشكلةٌ سبّبها ربما الشحن العاطفي و النفسي المكثف في النصف الأول من العمل ثم
لحظة الفراق التي تحدث (و هو أمرٌ حدث مع أنتوني مينغيلا في Cold Mountain)
قبل أن يستعيد الفيلم توازنه في مشهد الختام لعجوز في أواخر العمر تعلن رغبتها
بالتكفير عما فعلته عندما كانت صبيةً في الثالثة عشر , خاتمة تعيد التكثيف العاطفي
الذي كان قد تشكل و تقدم للمشاهد الراحة التي يبحث عنها رغم أنها في الوقت ذاته
تشعل فيه أسىً مصدرهُ الحقيقي ليس فقط العلاقة العاطفية التي حُكِم عليها بالموت
بقدر ماهي المصائر التي تغيرت و حجم التقلبات التي حدثت بسبب خيالٍ جامح لطفلة
صغيرة .
بصرياً هذا فيلم رائع : الطريقة التي يجبرك
فيها رايت على
إبقاء عينيك مسمرةً على الشاشة حتى فترة هبوطه تستحق التقدير , مدير التصوير شيمِس مغارفي
يركز على ذات البعد البصري الذي يجعل من فيلمه هذا (كما هو حال فيلم جو رايت
الأول أيضاً) متعةً للمشاهد , عمل رائع على اللقطات المتسعة و الكلوز آب كما هو
الحال في اللقطات الداخلية و مقدار القوة التي تكسبها الإضاءة لعمله التصويري هذا
, الأمر ذاته ينطبق على العمل الفذ للموسيقار الإيطالي داريو ماريانيللي ,
جزئيتان تتحدان لتجعل من هذا الفيلم متعة للسمع و البصر , أداءات صلبة من كايرا نايتلي و جيمس ماكفوي ,
وتألق ممثلة صغيرة موهوبة إسمها سيرشه رونان , و ظهور لا ينسى للديم فينيسا ريدغريف
يختم رائعة جو رايت هذه
, العاشر على قائمتي لأفضل أفلام 2007
.
التقييم من 10 : 8.5
0 تعليقات:
إرسال تعليق