جيسن ريتمان يثبت تماماً بأنه مخرج ممتاز , بعد عام واحد على فيلمه الأول شكراً على التدخين , يعود الرجل بسيناريو كتبته ديابلو كودي و يحقق نجاحاً أكبر بكثير من ذلك الذي رافق ظهوره الأول , Juno الفيلم هو طالب في مدرسةٍ طلابها أفلامٌ حاكت واقع المراهقة في المجتمع الأميركي ضمن إطار كوميدي محاولةً ترويضه مع الغايات الدرامية التي بني ليحققها , ما ميز Juno هو أنه يستفيد من خبرات كل زملاءه الطلاب , من كل التجارب التي خاضوها , وكل الأخطاء التي وقعوا بها , لكنه لا يحاول أن يدعي بأنه أذكى طالب في المدرسة , رغم أنه في حقيقة الأمر الأذكى , Juno على خلاف جميع أولئك الطلاب لم يحاول البحث عن الجدية الدرامية في قالب كوميدي , بل صنع من درامية أحداثه ما يبعث على الكوميديا , تاركاً إياها تنسل بطريقة ذكية للغاية أبدعها نص ديابلو كودي , بمعنى آخر , Juno فيلم لم يصنع ليضع مراهِقته البائسة في بنية كوميدية تحاول إيصال فكرته , Juno يسرد ببساطة شديدة ما يحدث لبطلته خالقاً شعوراً يجعله يبدو فيلماً بسيطاً أو خفيفاً أو مسلياً , رغم أنه في واقع الأمر ليس كذلك , يمكن لشخصين أن يشاهدا صورة جونو وهي تحمل بطنها المنتفخ أمامها , قد تسمع الأول يقول (كم هذا مضحك) بينما يقول الآخر (هذه ماساة) , هذا الميزان الحساس كان في يد صائغ جيد إسمه جيسن ريتمان , حاول ترويض الصورة لتخلق التوازن الكوميدي المطلوب مع درامية النص , هناك كوميديا عجيبة في هذا العمل نابعة في الواقع من صورة جيسن ريتمان أكثر من وجودها في نص ديابلو كودي , أمر يمكن أن تتأمله في عائلة جونو , أو في علاقتها بصديقتها , أو في عصير البرتقال , أو في هزها لشريط إختبار الحمل (أملاً في إنعكاس النتيجة !!) , أو الأهم في تقديمها لشخصية بليكر والد الطفل , و محاولتها إيجاد منبع الإعجاب و السحر الحقيقيين الذين يجذبا جونو نحوه , و هو ربما الميزان الذي جعل من هذا الفيلم مميزاً عن أقرانه .
لكن سحر هذا العمل الحقيقي يكمن في عيني إلين بيج , هذا واحد من قلة من الأداءات التي حكمت بجودتها منذ مشاهدتي لعرض الفيلم الدعائي , إلين بيج تجاوزت في هذا العمل حقيقة كونها تلعب هذا الدور , إلين بيج توحدت معه تماماً , في الكثير من مشاهد الفيلم شعرت بأن بيج ترتجل و بأن رد الفعل الذي أراه أمامي هو رد الفعل الطبيعي الذي كانت ستفعله لو كانت بيج هي جونو , ما تفعله بيج بعينيها هو مثال نادر هذه الأيام على مقدار التأثير الذي يمكن أن تحدثه لغة الجسد على الأداء السينمائي في الألفية الجديدة , عينيها وحدهما ترسمان الفرحة و الحزن و الإكتئاب و اليأس و الإحباط و الترقب و الأمل و خيبة الأمل , هذا واحد من أفضل الأداءت التي قدمت في أفلام المراهقين على الإطلاق , في واحد من أفضل أفلام المراهقين على الإطلاق .
التقييم من 10 : 8.5
0 تعليقات:
إرسال تعليق