•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

السبت، 6 ديسمبر 2008

Michael Clayton

بطولة : جورج كلوني , تيلدا سوينتون , توم ويلكنسون , سيدني بولاك
إخراج : توني غيلروي
باكورة أعمال كاتب سلسلة بورن توني غيلروي الإخراجية يحكي قصة مايكل كلايتون محامٍ مرموق في شركة محاماة عملاقة في نيويورك تدير الأعمال القانونية لمجموعة من أضخم الشركات في الولاية , الرجل يعاني من مشاكل عدة عقب طلاقه و إلتزاماته المادية التي أثقلت كاهله إضافة إلى بعض الإشكاليات الأخلاقية التي يمر بها تجاه بعض القضايا التي يعمل عليها , يطل على هذا الواقع قضيةٌ يحملها صديقه المحامي الأسطورة آرثر إيدنز الذي يدير الأعمال القانونية لشركة صناعات كيميائية عملاقة و الذي يقع فريسة تناقض أخلاقي قاسٍ عندما يكتشف بعض الحقائق السوداء عن أعمال الشركة قبل أن يتعرض للإعتقال , و يجد صديقه مايكل كلايتون واقفاً في صفه في مواجهة كارين كرودر التي تقف على رأس أعمال الشركة
توني غيلروي كتب نص ذكياً لهذا العمل , منبع الذكاء يكمن في عدم إشباعه لأي شخصية من شخصياته الثلاث سواءً على صعيد البناء أو على صعيد التقديم , لكنه يترك كل ذلك للإكتمال ضمن مخيلة المشاهد , أسلوب يتناسب مع هذه النوعية من أفلام القضايا , و بالتالي أنت لا تشبع الشخصيات لكنك تشبع القضية و تجعلها الأهم بالنسبة للمشاهد , و تجعل علاقة المشاهد بالشخصيات مؤطرةً ضمن بنية القضية التي تحاول تأسيسها فقط , و هذا يؤتي ثماره فعلاً , صحيح أنك لا تهتم كثيراً بدواخل شخصيات هذا العمل , لكنك تشعر بدوافع حقيقية تجاه هذه القضية و تستطيع أن ترسمها و تستوعبها في مخيلتك , أمر ربما يراه البعض وجه قصور لفيلم يفترض أن يحمل عمقاً و يشبع جزئية التناقض الأخلاقي لبطله المحامي بين واجبه و ضميره رغم ملامسته لها
لكن بالمقابل فإن غيلروي ينجح من خلال ذلك في الحفاظ على سير أحداث مدروس و علاقة ثابتة بين المشاهد و الأحداث , متيحاً للمشاهد الفرصة ليكون صورة عامة و مشاعر حقيقية تجاه شخصياته ثم يقود عمله – إبتداءً من مشهد القتل في منتصفه – ليسير بقوة و إثارةٍ حقيقيتين نحو المواجهة الختامية التي تأتي ربما كتنفيس لكل المشاعر التي شكلها المشاهد و إحتبسها طوال مدة الفيلم , تنفيس مصدره إصرار غيلروي على عدم توجيه المشاهد نحو الخطأ و الصواب في هذه القضية ربما لثقته بأن المشاهد يستطيع تمييزهما بسهولة و ينتظر لحظة مكاشفة كتلك كي يرتاح , لكن من منظور آخر فإن هذا التوجه سلبني بعضاً من متعة سينمائية أنتظرها , هذا الفيلم يفتقر للإشباع السينمائي الذي صنعه بول غرينغراس في نص غيلروي عندما قدم فيلم بورن الأخير في العام ذاته , في أفلام بورن أشبع غرينغراس عمله على الحقيقتين الأساسيتين اللتين يسير عليهما : حقيقة كونه يقدم شخصية تواجه تناقضاً أخلاقياً بين مبادئه و مواجهته لأنظمة بلاده و حقيقة كونه يقدم إثارةً من العيار الثقيل , لكنه إعتمد على الجزئية الثانية ليصنع الثقل الحقيقي لفيلمه , توني غيلروي تاه قليلاً في هذا العمل بين هاتين الجزئيتين دون وضوح الثقل الحقيقي للعمل في أي من الجزئيتين , توجهه لجعل القضية هي الشغل الشاغل بالنسبة للمشاهد جعلت الشخصيات في بعض مراحل الفيلم تبدو أحادية البعد , صحيح أن هذا لا يطغى على الفيلم بسبب تمكن غيلروي على رفع رتم الإثارة مع سير الأحداث , لكنك لا تستطيع تجاوز الأحادية و أنت تشاهد شخصيات بيضاء أو شخصيات سوداء رغم أنه لا يقدمها لنا بهذه الطريقة في البداية , كل هذا يحدث ضمن عمل إخراجي خالٍ من البهارات , دون رتوش تصويريةٍ أو مونتاجيةٍ أو موسيقية , جزئية ربما أفقدت العمل بعضاً من بريقه و جعلته يتوه بين كونه عملاً يغوص في دواخل شخصياته أكثر من كونه إثارةً محترمة , أو عملاً مثيراً كأغلب أفلام القضايا دون إهتمام حقيقي بما يعتمل في نفوس شخصياته , هذه الجزئية سلبتني بعضاً من إستمتاعي بالعمل رغم إقراري بإمتيازه
و رغم ذلك كان الأداء الرباعي المتمكن من جورج كلوني و تيلدا سوينتون و توم ويلكنسون و سيدني بولاك قادراً إلى حدٍ كبير على تعويض ذلك البريق من خلال دفع قوي منحوه للحوارات الممتازة المكتوبة للفيلم , صانعين من الفيلم – رغم بساطة حبكته – عملاً مشهدياً ممتازاً ( لا يوازيه في ذلك خلال العام كله سوى فيلمي الكوينز و توماس أندرسون ) , مانحين لكل مشهدٍ يتواجد فيه إثنان منهم قدرةً عجيبةً على أسر المشاهد و إبقاء عينيه و أذنيه متوثبتين و مستمتعتين بما يحدث , التوجه الأول لتوني غيلروي نحو الإخراج لا يقدم فيلماً ممتازاً فحسب , بل ربما أفضل أداء لطاقم فيلم خلال العام كله

التقييم من 10 : 8.5
لشراء الفيلم من أمازون

هناك تعليق واحد:

  1. أستاذي العذري

    أتفق معك تماما في كل ما ذكرته عن الفيلم وخصوصا السيناريو إذا تغاضينا عن الربع ساعة الأخيرة منه
    بالفعل كان السيناريو شديد القوة ، ولكنه -في رأيي- انهار تماما في المشهد الذي يقوم فيه مايكل كلايتون بالتوجه لسيارته التي انفجرت ورمي حافظته وساعته فيها كي يوهم أعداءه أنا مات في الحادث
    هل يعقل هذا أم أني فهمت الأمر بصورة خاطئة؟
    لو كان فهمي صحيحا فهذا يعني أن السيناريو بالفعل انهار لأنه باقي أحداث الفيلم مترتبة تماما على هذا المشهد اللامعقول

    شكرا جزيلا

    ردحذف

free counters