في اليوم الرابع لمهرجان كان السينمائي الدولي تواصلت العروض المختلفة للأفلام ضمن المسابقة الرسمية , و إستمرت كذلك عروض الصحفيين و المنتجين و شركات التوزيع على هامش المسابقة الرسمية , اليوم الرابع كان ممتعاً للكثيرين ..
في جولتنا اليوم سنلقي نظرة على ثلاثة أعمال ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان , تنتمي الأعمال الثلاثة إلى مدارس مختلفة و تأتي من ثلاثة مخرجين سبق لهم و نالوا الإعتراف و التكريم في أكبر المهرجانات و المحافل الدولية ..
فيلمنا الأول هو Tetro للمخرج العملاق فرانسيس فورد كوبولا الذي سبق له و نال سعفة كان الذهبية مرتين عامي 1974 و 1979 , فيلمه الجديد لم يقابل بالمديح الذي يليق بإسم كوبولا , و نال مراجعاتٍ مختلطة تراوحت بين النقد اللاذع و الحماس للتجربة الجديدة التي يخوضها كوبولا , حيث إعتبره الناقد مايك دي أنجلو نوعاً من الكلام الفارغ المفعم بالتشدق , و إعتبر أن الحبكة بحد ذاتها تبدو غبية و إن كانت أقل ضياعاً من فيلمه الماضي Youth without Youth , بينما رأى الناقد إيريك كوهين بأن الفيلم لا يمثل فشلاً كاملاً و لا عودةً مظفرةً للمخرج الكبير و إنما مجرد فيلمٍ عائلي متوسط يسير نحو نهاية غير صحيحة , و على غراره رأى ديمون وايس ناقد مجلة Empire الشهيرة بأن الفيلم ليس كارثةً و لكنه أيضاً ليس كلاسيكية و إعتبر حبكة الدراما ( الأوديبية ) في نص كوبولا هي مشكلته الرئيسية , بينما رأى الناقد الكبير تود مكارثي ناقد مجلة Variety الشهيرة بأن معالجة كوبولا للحبكة الأوديبية كان مبالغاً بها كثيراً لدرجة أفقدت الفيلم قوته ..
على الجانب الآخر إمتدح الناقد جيمي غراهام الأداءات في الفيلم , و التصوير الذي تم بالأبيض و الأسود , و الذي إعتبره فنياً لدرجة يكاد يفقد العمل مصداقيته , و رأى بأن نص كوبولا كان تراجيدياً بحق , بينما إعتبر الناقد الشهير إيمانويل ليفي بأن الفيلم شده منذ أول لقطة و حتى الختام و إعتبره تأملاً ذاتياً إنعكاسياً مكثفاً عن الحياة و الفن , و يمتلك نوعاً من الميلودراما الخاصة التي توجه تحيتها إلى أفلام إيليا كازان و فيديريكو فيللني و حتى بيدرو ألمودوفار , بينما رأى الناقد كيرك هونيكت ناقد مجلة Hollywood Reporter الشهيرة بأن كوبولا يعود إلى صورة طالب السينما الشغوف , الذي يوظف في عمله هذا مزيجه من الرؤية البصرية و الموسيقى و الرقص لخدمة دراماه الكلاسيكية عن النزاعات العائلية و عودة الأخوة , و ذهب الناقد الكبير آرون هيليس أبعد من ذلك , حيث رأى بأن فرانسيس فورد كوبولا يقدم هنا فيلمه الأغنى و الأكثر إبهاجاً منذ تحفته Apocalypse Now ..
بالمقابل لم يكن وضع آنغ لي مع النقاد أفضل من كوبولا , ففيلمه الجديد Taking Woodstock قوبل أيضاً بردود فعلٍ مختلطة من قبل النقاد و الجماهير على السواء , حيث إعتبر الناقد إريك كوهين بأن آنغ لي يقدم قصةً تاريخيةً تائهة , شيء أقرب في ملامحه إلى حلقة من برنامج Saturday Night Live و لكنها غير جيدة ! , و رأت الناقدة الشهيرة ليزا شوراتزبوم ناقدة مجلة Entertainment Weekly بأن الفيلم مبالغٌ في حبكته و تحت المستوى قياساً لأعمال آنغ لي , و إعتبره الناقد الكبير كيرك هونيكت فيلماً مخيباً للآمال , و وجده فيلماً ( منخفض الفولطية ! ) عن حدثٍ ( عالي الفولطية ) , لكنه رأى فيه أيضاً فيلماً مسلياً في بعض الأحيان في تحريه ما وراء كواليس واحدٍ من أهم أحداث الستينيات العظيمة , و إعتبر الناقد الكبير تود مكارثي الفيلم إستغلالاً للنجاحات البارزة التي حققها آنغ لي مؤخراً في المحافل الدولي خصوصاً بفيلمي Brokeback Mountain و Lust, Caution ( أسدا فينيسيا الذهبيين 2005 و 2007 ) , و وجده فيلماً مهلهلاً يستفيد من جودة أعمال آنغ لي السابقة ..
بالمقابل رأى المتحمسون للعمل أن آنغ لي يقدم رائعةً أخرى من الروائع التي عودنا عليها , و إعتبر الناقد ديمون وايس بأن عمل آنغ لي هنا يضرب كاميرون كرو في ملعبه ( و هو الذي أشتهر بعملٍ مماثل في Almost Famous ) , و وجده الناقد جيمي غراهام فيلماً جميلاً بمقاييس أفلام آنغ لي المعروفة , و كان الناقد آلن هانتر معتدلاً في رأيه إذا وجد الفيلم ممتعاً في مراحل معينة و رتيباً في أخرى , و إعتبره إنحرافاً صغيراً تشهده مسيرة آنغ لي من حينٍ لآخر بعد بضعة أعمالٍ جيدة ..
نجم اليوم الرابع للمهرجان كان الفيلم الجديد للمخرجة النيوزيلندية جين كامبيون التي سبق لها و نالت سعفة كان الذهبية عام 1993 عن رائعتها الشهيرة The Piano , الفيلم الجديد يحمل إسم Bright Star و يقوم ببطولته بن ويشو و آبي كورنيش , و قوبل بمديح نقدي ملفت بعد عرضه في المهرجان الأمر الذي قفز به إلى الواجهة بين أهم الأعمال المرشحة بقوة لنيل السعفة الذهبية هذا العام , إذ يكاد لا يوازيه في هذا سوى فيلم بيكسار Up ..
الفيلم وصفه الناقد ديفيد غريتين بأنه قطعة ساحرة من السينما , بفعل موهبةٍ عالية تمتلكها جين كامبيون في التعامل مع الشخصيات النسائية في أفلامها بحميميةٍ عاليةٍ و كأنما تنسل تحت جلدهن , و كتب جيمس كريستوفر في التايمز البريطانية بأن ( جين كامبيون تحول علاقة الحب القصيرة و المنكوبة بين ( الشاعر الإنجليزي الشهير ) جون كيتس و فاني براون إلى فيلمٍ ساحر يمزق قلبك برقة إلى قصاصات ! ) , و إنتقد إيمانويل ليفي في الفيلم تجاهل جين كامبيون التركيز على جون كيتس كرمزٍ شعري مهم رغم إعجابه بالفيلم , و رأى فيه الناقد آلن هانتر الإنجاز الأكمل في مسيرة جين كامبيون و إعتبره مادةً مناسبة لموسم الجوائز , و قال راي بينيت في Hollywood Reporter بأن ( الفيلم ليس بهجةً دائمة , لكنه مبهج بما فيه الكفاية حتى تأتي البهجة القادمة ! ) , و قال ديريك مالكوم عن الفيلم بأنه قصة حب و لوعة فريدة مصورةٍ بواسطة الشعر , و وجده فيلماً رفيعاً لمشاهدته و للإستماع لشعره لكنه يخفق في بعض مراحل ذروته , و كتب ديف كالهون في مقاله بأن الفيلم مصنوع بإمتياز و مؤدى بشكلٍ جيد و مروي بطريقةٍ ذكية , فيلمٌ جدير بالإعجاب أكثر مما قد يبدو عليه , و كتب عنه بيتر برادشو في الغارديان البريطانية بأنه ( دراسة عميقة و مؤثرة في السنوات القليلة لحياة جون كيتس , برأيي هو أفضل فيلم في مسيرة جين كامبيون ) ..
0 تعليقات:
إرسال تعليق