•   شخصيات تختبىء وراء إدراكها
  • أريدك أن تصنع فيلماً عن معاناتي
  •  بركات الحضارة
  •  أشياؤه المفقودة
  •  كل الحيوانات تخرج ليلاً
  •  اللحظات المختلسة
  •  الفن والحب والحياة
  •  عن أحياءٍ لم يعودوا يحيون وأمواتٍ لا يموتون أبداً
  •  روسيا بوتن في شتائها الثاني عشر
  • أفكاره ومشهديته تجعله يستحق المشاهدة
  • الإضافة من خلال الحذف

الجمعة، 26 يونيو 2009

متابعات نقدية : كاثرين بيغالو تقدم فيلماً غير مسبوق عن حرب العراق


إستمر فيلم المخرجة كاثرين بيغالو الجديد The Hurt Locker في نيل المزيد و المزيد من المراجعات النقدية الإيجابية خلال الأسابيع القليلة الماضية , و شكل الفيلم تحدياً حقيقياً لمخرجته مع الكم الوافر من الأعمال الوثائقية التي تناولت مؤخراً حرب العراق أو حتى تلك الأعمال الروائية التي تطرقت لها بشكلٍ أو بآخر , و بقيت مهمة كاثرين بيغالو عسيرةً في جلب الإهتمام إلى مادةٍ دسمة تحولت إلى سلعةٍ مستهلكة خلال العامين الماضيين , و يأتي النجاح الذي نالته بيغالو في فيلمها أقرب إلى المعجزة التي تحققت , أمرٌ يعد بالكثير من الأمل بخصوص أعمالٍ كهذه خصوصاً مع الإنتظار الذي يحظى به فيلم المخرج الإيرلندي المرموق بول غرينغراس عن حرب العراق Green Zone في وجود نجمٍ هو مات ديمون .

و يستند الفيلم إلى التجارب الحربية التي خاضها الصحفي مارك بول الذي رافق فرقة تفتيش حقيقية على الرغم من إبتداعه لتفاصيل القصة , يتتبع حرب العراق من عيون الأشخاص الذين عاشوها وهم الجنود الأمريكان , من خلال فريق مدفعية متجول في شوارع العراق يواجهون التهديد المستمر بالموت بواسطة الألغام المتفجرة و القنابل و رصاص القناصين , يعيشون قلقاً عميقاً و هم يخوضون لعبةً ليست لعبتهم و حرباً ليست حربهم , خصوصاً عندما تتلخص مهمتهم الحالية في تخليص المدينة من الألغام المبعثرة فيها , و عندما تصبح قيمة الإنسان ثانيةً واحدةً من الخطأ .

و الفيلم هو العمل السينمائي السابع لكاثرين بيغالو التي لم تحقق نجاحاً سينمائياً حقيقياً - على الرغم من مسيرتها التي تمتد لربع قرن - بإستثناء المديح الذي تلقته عن فيلم الرعب متواضع التكلفة Near Dark عام 1987 , و يأتي The Hurt Locker الذي يقوم ببطولته جيرمي رينر و غاي بيرس و ريف فاينز لينعش مسيرة المخرجة البالغة من العمر 57 عاماً .

و بدا الحماس واضحاً لدى عددٍ من النقاد الذين مالوا لإستخدام بعض العبارات اللذيذة في مراجعاتهم , حيث إمتدح الناقد الشهير بوب مونديلو إثارة الفيلم بقوة و قال في مراجعته ( عندما يتعلق الأمر بجذب إنتباه الجمهور , لا يوجد أفضل من تفجير البطل الرئيسي للفيلم خلال الدقائق الخمس الأولى !! ) , بينما إستلهم الناقد الكبير أيه أو سكوت في مراجعته في النيويورك تايمز بعضاً من روح الفيلم عندما صرح بقوة ( إذا لم يكن The Hurt Locker هو أفضل أفلام الحركة هذا الصيف سأفجر سيارتي !! ) و لا أدري كيف سيتأكد الرجل من نتيجة رهانه ..

و إمتدح الناقد برينت سيمون الفيلم و وصفه بالمتماسك جداً و رأى أهميته تنبع من كونه يركز بمهارةٍ على الشخصيات مانحاً إياها الثقل الأكبر على الرغم من كونه فيلماً حربياً , بالمقابل وصف الناقد جيفري إم أندرسون الفيلم بأنه نوع من التحف السينمائية التي يعشق الجمهور مشاهدتها فعلاً , بينما رأى فيه الناقد إدوارد هافينز نوعاً من أفلام الحرب التي يندر أن نشاهد لها مثيلاً من خلال تكثيفه العمل على منظور الشخص الأول أو The First Person رافعاً من رتم إثارته إلى منتهاه , و بدى الأدرينالين و كأنما يتدفق فى مراجعة الناقدة لورا كليفورد ربما كنوعٍ من التعصب النسائي لفيلمٍ تخرجه إمرأة خصوصاً مع كونه فيلم حرب تحديداً , حيث إعتبرت كليفورد الفيلم أفضل أفلام بيغالو حتى الآن و إعتبرته مهيأً لنيلٍ ترشيحٍ للأوسكار في كل فئة هو مهيأٌ لها , و رأى فيه الناقد جيف بيركشاير تصويراً مدهشاً و فظيعاً للشجاعة و الوحشية في آن , و مال الناقد برايان أورندورف لإعتبار سحر الفيلم نابعاً من قدرته على صناعة ترقبٍ فريد من نوعه - هو الأفضل برأيه هذا العام – إستطاع من خلاله خلق إثارة سيكولوجية عميقة على صعيد شخصياته بالرغم من أجواء الحرب التي يعيشها المشاهد معهم ..

من جهةٍ أخرى ركزت بعض المراجعات على الصورة المغايرة للمعتاد التي يقدمها الفيلم عن العراق خصوصاً مع التعتيم الإعلامي الذي مارسته الحكومة الأمريكية على المعارك هناك , حيث إعترف الناقد الكبير جيمس بيراردينيللي بشعوره كأميركي تجاه هذا العمل و اعتبر بأنه ( يقدم العراق - أكثر من أي فيلمٍ آخر – بالصورة التي لم نشاهدها عليها في نشرات الأخبار المسائية ) , و إمتدح الناقد إدوارد دوغلاس في الفيلم تمكنه من جعل مشاهده ينسى كل شيء إعتقد بأنه يعرفه عن الحياة اليومية للجنود الأمريكيين في العراق , بينما رأى سكوت فونداس بأن سحر الفيلم يأتي من عدم توجيهه المشاهد لتبني وجهة نظرٍ ما , بل يتعمد أن يضعه فقط في بيئةٍ لم يعتدها هي البيئة التي عاشها بعض الأمريكيين هناك في العراق - و هي بيئة مغايرة للصورة التي عرفها الأمريكيون عن وضع جنودهم في هذا البلد - و ترك لهذه البيئة المولّدة أن تتكفل بتشكيل وجهة النظر المطلوبة ,.

و في مقاله في مجلة التايم واسعة الإنتشار وصف الناقد الشهير ريتشارد كورليس الفيلم بأنه ( فيلمٌ شبه مكتمل عن الرجال المحاربين , الرجال العاملين , يقول – من خلال صورةٍ قوية و أكشن غاية في العنف – بأنه حتى الجحيم بحاجة إلى أبطال ) , بينما جاءت عبارة الناقد جيمس بروكي فاتنةً عندما قال ( الفيلم يبدو - و يعطي إحساساً بكونه - مثل أي فيلم أكشن رائع , لكن هناك قطعة من الفن تنطلق من خلاله و تنفجر في رأسك و قلبك أثناء مشاهدته ) ..

و رأى ديفيد دونبي الناقد الكبير في النيويوركر بأن الفيلم هو كلاسيكية بسيطة عن التوتر و الخوف و الشجاعة سيتم دراستها بعد عشرين عاماً من الآن عندما يريد الناس أن يفهموا مالذي حدث للجنود الأمريكان في العراق , بينما جاءت عبارة الناقد الكبير بيتر ترافيرز موجزة لكل هذا الحديث النقدي عندما وصف الفيلم بأنه ( فيلمٌ عن حرب العراق لأولئك الذين لا يحبون أفلام حرب العراق ) .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

free counters