كما كان مقرراً منح مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي تكريمه الشرفي بالأسد الذهبي هذا العام للمخرج الصيني الشهير جون وو عن مجمل مسيرته , نظراً للجهود التي بذلها الرجل على مدى العقدين الماضيين في التعريف بالسينما الصينية و التراث الصيني و نقلها إلى الواجهة العالمية و تقديم لغةٍ سينمائيةٍ معاصرةٍ و مجدّدة من خلال أفلام الأكشن التي قدمها في بداياته في هونغ كونغ و تلك التي إستمر في تقديمها عند إنتقاله للعمل في هوليوود .
و تسلم جون وو الجائزة من فرانك مولر مدير المهرجان و المخرج الأميركي كوانتين تارانتينو رئيس لجنة التحكيم لدورة هذا العام , و قال في معرض تقديمها ( أودّ أن أكون جسراً للأمور الجيدة بين الشرق و الغرب , لذا يمكننا الإرتقاء بمعارفنا المشتركة إلى مستوىً أبعد لبناء صداقةٍ قوية ) .
و ذكر مولر بأنه أخذ الكثير من الوقت كي يقنع جون وو بقبول الجائزة , و قال بأن جون وو إعترض كثيراً على فكرة تكريمه بهذه الجائزة الكبرى , و إعتبر بأنه لا يستحقها , خصوصاً و أنه إنضم الآن إلى نخبةٍ من أعظم المخرجين في تاريخ السينما و الذين سبق و تم تكريمهم بها , مثل أورسون ويلز و لويس بونويل و أكيرا كوروساوا و جون فورد و روبرت ألتمان و بيلي وايلدر و تشارلي شابلن و فيدريكو فيلليني و فرانك كابرا و جيان لوك غودار و مايكل أنجلو أنتونيوني و جون هيوستن و رومان بولانسكي و وودي آلن و مارتن سكورسيزي و إنغمار بيرغمان و فرانسيس فورد كوبولا و ستيفن سبيلبيرغ و ستانلي كيوبريك .
و على الرغم من أن الجائزة الشرفية للمهرجان قد تم تقديمها فيما مضى لثمانين شخصيةً من صناع السينما , إلا أنها المرة الأولى التي يحصل فيها مخرجٌ صيني على هذه الجائزة , بالرغم من التقدير الكبير الذي أبدته التظاهرات السينمائية العالمية فيما سبق لأعمال مخرجين صينيين كبار مثل زانغ يمو و تشن كيجي و وونغ كاراواي .
و أهدى جون وو الجائزة إلى والدته التي قال بأنها أول من أخذه إلى السينما و شجعه لملاحقة أحلامه السينمائية , كما أهداها إلى صديقه تشن تشانغ الذي كان ناصحه و موجهه , قبل أن يرحل عن الدنيا قبل ثمانية أعوام في سن التاسعة و السبعين .
و يعد جون وو – البالغ من العمر 63 عاماً – واحداً من ألمع مخرجي أفلام الأكشن ليس في الصين فحسب بل في العالم أجمع , بعد مسيرةٍ مرموقةٍ تمكن فيها من قلب موازين أفلام الأكشن الآسيوية و نقلها إلى عوالم جديدةٍ غير مسبوقة إعتمد فيها على محاولة تغريب فيلم الأكشن الآسيوي مع الإبقاء على جوهر الأصالة الآسيوية نابضاً و حياً , أمرٌ نلمسه بوضوح في العمل الذي أطلق شهرته A Better Tomorrow عام 1987 , و يتجلى بقوةٍ و عظمة في كلاسيكيته العظيمة The Killer عام 1989 قبل أن يرحل إلى هوليوود و يقيم فيها 15 عاماً قدم فيها مجموعةً من أشهر أفلام الأكشن مثل Broken Arrow و Hard Target و Face/Off و Mission Impossible 2 , و أخرج جون وو خلال 30 عاماً من العمل السينمائي 26 فيلماً بين هوليوود و الصين , و حققت أعماله الهوليوودية أرباحاً فاقت المليار دولار .
و قال جون وو عن تجربته الهوليوودية ( لقد تعلمت الكثير في هوليوود , و أتمنى أن أنقل كل ما تعلمته إلى آسيا ) , و هو ما بدى جلياً في أعماله التي رافقت عودته مجدداً للعمل في الصين , و إن كان الرجل قد أكد في حديثه على هامش التكريم بأن عمله في هوليوود ما يزال قائماً و أن عودته للعمل في الصين لا تعني نهاية العمل في أفلامٍ هوليوودية .
و يشارك وو في المهرجان من خلال فيلم Reign of Assassins الذي شارك في إخراجه مع تشاو بن سو , و الذي يحكي قصة قاتلةٍ محترفةٍ في الصين القديمة تحاول إستعادة رفات راهبٍ بوذي غامض , الأمر الذي يضعها موضع إستهدافٍ من قبل القتلة الآخرين الراغبين بالحصول على الرفات لإعتقادهم بإحتواءها على قوةٍ باطنيةٍ غامضة , و هو العمل السينمائي الثالث الذي يخرجه جون وو منذ عودته من هوليوود إلى الصين , بعد جزئي الفيلم الشهير Red Cliff اللذين يحكيا قصة حرب المنحدر الأحمر التي جرت في الصين في القرن الثالث الميلادي , و الذي حقق الجزء الأول منهما عائداتٍ بلغت 124 مليون دولار من عروضه الآسيوية .
و يخطط جون وو مستقبلاً لتقديم تجربته الأولى في سينما الثري دي من خلال فيلم Flying Tigers الذي وصفه جون وو بأنه إعادةٌ هوليوودية الطراز لكلاسيكيته الشهيرة The Killer و الذي هو في الأساس إعادةٌ لكلاسيكية المخرج الفرنسي الراحل جيان بيير ميلفيل Le Samourai .
يذكر أن هذا هو التكريم الثاني الذي يحظى به المخرج الصيني هذا العام , بعد تكريمه بالجائزة الشرفية لمهرجان هونغ كونغ السينمائي في يوليو الماضي .
0 تعليقات:
إرسال تعليق